وللبطانة كلام (2)

أخي بأبياتك تلك لقد هيجت في دواخلي شجوناً وذكرى لأيام لا تُنسى ذكرى لأيام أكاد أراها أمامي الآن ، ذكرى لصديق عزيز على قلبي هو جدي " شيخ طه ود مُحمد ودعبدالباقي " رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ، كان دائماً لي الصديق الحميم والأخ ، قبل الجد حيث أنني أكبر أحفاده ، كان دائماً ما يحكي ويقص لي عن البطانة وخريفها وما يجدون فيه من متعة وبهجة وراحة بال ، يحكي عن هواها الذي يرد الروح ويحكي عن خضرتها العجيبة التي لا تخطئها العين ، ويحكي عن صيدها وحبارها ويحكي عن "البعشوم" وما كانوا يتلذذون به عندما يصرخ حين يصبح في مرمى "مقانيصهم" ويحكي عن الضان وأبل وما بها من نعم كثيرة جمة وهذا ما أثار حبي وشجوني لتلك البقاع الطيبة مما حدا بي إلى أن أقضي فيها كل عام فترة الإجازة المدرسية ولا أعود إلى أبودليق حتى تكاد تنتهي تلك الإجازة ، وفي بعض الأحايين أزداد يومين أو ثلاثة عليها ، وفعلاً هواها طب للملاريا حيث لا يعاني أي من ساكنيها من أي علل ولا أمراض ولا حتى "وجع راس" أللهم إلا أن تكون "خرمة جبنة " وظل دائماً ما يذكر أياماً كان يمشي فيها من "الحُمُر" حتى "إسْنَبِير" حتى "الشِحيحِيط" و"فرج الله" و "وادي الكِتِر" ومن مكان إلى مكان آخر وكل ذلك مشياً على الأقدام فذلك مدلول على الصحة الكاملة وشيء من زهو الشباب وقتها . وكما قلت كانوا يتلهون بها ويتحكون ويقصون لنا بقصصهم فيها ونحن أطفال صغار ، إلى أن بارحوا هذه الفانية .
رحمهم الله جميعاً ، وبارك الله فيك أخي طلحة وأنت تتحفنا بهذه الكلمات الجميلات