عصف ذهنى

كنا ،...وكان هو طالباً جامعيا متقد الحماسة، فى تحصيله الاكاديمى، وفى مشاركاته الثقافية، وفى اسهاماته الفكرية..يلوح فى صباحاتنا بهندامه الانيق ..هندام طالب ثانوية متألّق..مرتباً مهذباًمتأدباً الا فى المناكفات الفكرية والسياسية...ليس هذا هو الخبر ..الخبر هو الحالة الغريبة الشاذة التى وجدناه فيها ذات صباح على غير العادة ..كنا عهدئذٍ فى عامنا الاخير ..تفرقت، بعده، بنا ، السبل..
على وقع احساسٍ ضاغطٍ بوعكة فى نشاطه الحيوى .وقف يتملى فى تأمُّل...تأمَّل مليَّا...ألقى (السمعَ) لخلجات نفسه- فى غير ذهول- وهو شهيد...لم يتبيّن من الاشارات الكهرومغناطيسية المنبعثة من مركز الدماغ .. أعياه قدرته ،والحال كذك، احالة الذبذبات الصوتية الى اصوات حية لها مضامين دلالية على مستوى السيسمولوجيا... احساس مجهول الهوية اذن..لم يتبين من كنه الاحساس ..أهو وليدٌ شرعىٌّ منسوبٌ الى اب الحقيقة؟؟؟أم نبتٌ شيطانىٌّ غير شرعى تخلَّق فى ارحام عاهرات الوهم ..هكذا تساءل وهجست فى قلبه الهواحس . عزم على عبور اللجة بعزيمة صلدة..وبارادة صلبة ..رغم موجات العصف الذهنى المضنى، لم يبدو على محياه الدقيق الرقيق شارات الوهن ..وجد طاقة اسعاف رابضة فى تجاويف نظرية الاحتمالات ..تسكّع باهمال ولا مبالاة فى مجارى الفرضيات والافتراضات .ربت على كتف قلبه الواجف اذ طاف على مخيلته طائف طيف عابر ما لبث ان تشبث بتلابيبه الزاهية :لابد انه احساس طارئ وشعور عارض .. الغيم الاحمر القانى يبدو احياناً فى الافق المظلمة شفقاً داكنا كفجرٍ كاذب.. سيستنين الامر لا محالة فى ضحى الغد..مع شمس الاشراق سيستحيل الطلاسم الى معالم وتتحول الذبذبات من هلاويس الوهم الى شآبيب الفهم ( وفى الصباح يحمد القوم السرى)..انطلقت مسيرته مع شقف الصباح ..هل صحيح لكل جواد ٍ كبوة ولكل فارس كفوة ..ام ان عنصراً مهماً من عناصر الاطمئنان يضل سيبل الوصول اليه .كان على ايام الدراسة الجامعية يناطح برأيه نظريات كنز وادم سمث وافلاطون وارسطو هيجل ولينين ..شهدنا له سجالاته فى مقارعة الخصوم الفكريين، ودحض نظريات العقد الاجتماعى ،وسخريته من النظرية القائلة ان الانسان بطبعه كائن شرير لا يردعه سوى القوانين الصارمة
ثعثر قبل ايام فى محاولة الصعود الى الدرج الثالث من مسيرته الحياتية ، ثم قام كمن يتخبطه الشيطان من المس ..هل ثمة قوة خفية،فوق ارادة البشر، تحرك الاشياء ؟؟ وتغير وتحرك من ثم اتجاهاتنا....من مندوحاتنا معه فى سياق مناكفته Sad

ما من امرٍ الا وله تفسير مادى ومنطقى ) ِالّا ما جعله الله خالصاً لارادته حصرياّ لمشيئه ..قال وقد وقر ذلك فى قلبه :لاتزال ثمة مغاليق امام العقل لاينبغى فى سيبل فتحه استخدام مفتاح العقل المجرد من الايمانيات والروحانيات..(( يهدى الله لنوره من يشاء
اخيراً استيقظ ذات صباح على تراتيل الهدى (( الله نور السموات والارض....الخ الاية)) والشمس ترسل خيوط اشعاعها على امتداد نصف الكرة الجنوبى باسرها..ولما شرح الله قلبه لمزيد من الايمان الخالص وفهم مقاصد الاشارات الكهرومغناطيسية ،هدأ ساكناً ثم صرخ كما فعل ارخميدس: وجدتها وجدتها.. ودلق خواطره الوجدانية : بُهِتت كل الانوار البشرية على مشارق الارض ومغاربها ببزوغ النور الالهى..الكل استغنى عن الضياء الذى صنعه بشر مثله بنور صنعه من ليس شيئ كمثله ..لابد اذن لنور الله ابعاد معنوية الى جانب البعد المادى ولابد له من قيم ايمانيه الى جانب القيمة الملموسة ..نور الله لاريب ينطوى عليه معانى غير حسية الى جانب الفوائد الحسية نور الله لا شك ينطلى على شحنات روحانية الى جانب الشحنات الفيزيائية..واذا كان الله تعالى يرسل ضياءه الحسى لكل كائنٍ ممن كان وسيكون ، على وجه الارض ، فان نوره المعنوى يختص به اولياءه الصالحين من عباده المؤمنين (يهدى الله لنوره من يشاء)...أليس ذلك هو عنصر الاطمئان الذى ضل من قبل فى طريق الوصول اليه؟

[/size]