يموت الهوى مني إذا ما لقيتها ...

العمل في مصلحة واحدة يعطي أياً من الزملاء رجلاً كان أم امرأة فرصة فضفاضة جداً في معرفة الطرف الآخر والإلمام بكل جوانب شخصيته من كرم ونبل واستقامة وصون لسان وأصالة أو الصفات التي عكس ذلك تماماً. وفوق كل ذلك أرجو ألا تنسى مدلول الآية الكريمة : (( الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )) سورة النور الآية (26) .
كذلك المعرفة قد تمتد إلى المنازل حيث المجاملات في الأفراح والأتراح مسبوقة بكشف يوضح الدعم المادي كمؤازرة من زملاء العمل.
كل هذه السوانح تجعل هذا الرجل (مثلاً) يتعرف على البنت والدوائر التي حولها من الأسرة وحتى الأباعد الذين يفدون وقت الشدة وبذلك تكتمل الصورة لديه ولا يحتاج لسؤال أحد أو أخذ رأيه.
ذات المنهجية تتبعها البنت في معرفة شريك عمرها وهي هنا من المفروض أن تكون شريكة جد جد بإقتسام الإنفاق والصرف مش تقعد في المنزل للحمل والإنجاب والإستهلاك والنِقَّة وتطلق على نفسها لقب شريك أركان حرب!!.
الحسنة الأخرى أن كلا الطرفين يعرف دخل الآخر وحوافزه وممتلكاته فيكون على بينة من الأمر كي لا يبني قصوراً على السحاب مثل ما يحدث للمخطوبين الذين لا تجمع بينهم إلا الأوقات السعيدة المتفرقة المشحونة بالعواطف والمواويل والشعوذة. يشكل هذا الثنائي درعاً قوياً وترساً صلباً في وجه أي قرار جائر في حق أي منهما فقد يقوم المدير لحاجة في نفسه بنقل الشاب إلى ريفي البطانة نكاية فيهما وهنا تبدأ الحرب الباردة فتشحذ البنت أهلها من ذوى الرتب ويستعين الشاب بأصدقائه من أصحاب الجاه والصلاحيات فإن نجحت مساعيهما فالذاهب إلى ريفي البطانة هو المدير بإذن الله وتسود حالة من السعادة وسط المصلحة فأهل السودان ناس خير ولا يحبون العوازل والوسطاء ومحطات التحويل لذلك تجدهم يسلكون طريقاً مستقيماً ليس به عوائق ففي الأغاني يقولون من البيت لمدرستو ، وفي السياسة يقولون سلّم تسلم وفي الأمثال يقولون " أمسك لي وأقطع ليك" وفي البيع يقولون " يفتح الله ويستر الله " وفي الموت يقولون "من القوة للهوة " وفي الوفاء يقولون "نحن بنجيك بس أوعدينا" .
في الزفاف والشهور الأولي يقف معكم الزملاء والزميلات وقفة متينة تشد من عضدكما وكأنهم بذلك يشكرونكما على هذه الخطوة الحميدة التي سوف تكون خير مفتتح لمشروع كبير يعم المصلحة ولا يذر بها عازباً وتكتسب المصلحة رتبة المصلحة (المُحصنة) التي أكملت نصف دينها ولم يبق لها سوى الشعائر الأخرى المقدور عليها.
كذلك إن كانت لأحدهما عربة ملك أو حكومية فيستقلانها للذهاب والأياب
وترحيل الأبناء وفي ذلك إدخار للوقت والوقود ومناقشة الأجندة غير العامة بدلاً من أن يذهب بها هو وحده وتركب الزوجة ثلاثة مواصلات لمكان عملها إن كان في محافظة أخرى .
أيضاً يسهل الإلمام بطريقة الآخر الصوفية التي ينجذب إليها والجهة السياسية التي يعاديها إضافة إلى انتمائه الرياضي ونوع الموسيقى الذي يحوله إلى إزميل فدياسٍ تفعلين به ما تشائين تشكيلاً وتصميماً في غدوك ورواحك.
أما عيوب هذا النوع من الزيجات فيتلخص في :
1 . الرقابة الدؤوبة المتشددة من كل طرف على الآخر خاصة وأن كلاهما يعرف بقية الزملاء جيداً .
2 . وقفة أحدهما مع أي طرف ثالث أو الخروج بدون إذن إثناء ساعات العمل قد يثير كثيراً من الشكوك والتساؤلات وقد يفضى إلى نزاع مسلح يكون وقوده الناس والقسيمة.
3 . تكون المرأة على علم تام بكل درهم دخل جيبك ، مرتب ، بدل سكن ، بدل سفرية ، نثريات وقود .. ألخ. والمشكلة تظهر في أنها تريد الصرف على حاجاتها مثل الستائر (لعن الله الستائر) وسرائر الخشب طراز 2009 والعطور أما أنت فتريد أن تخرج من بيت الإيجار ولو ببناء غرفة من الطين الآجر في قطعتك السكنية ووضع رصيد للحالات الطارئة وما أكثرها ، وتبرز حرب جديدة إسمها حرب الأولويات فالكل يظن أنه حصيف وبعيد النظر وذو رأي فيصل ، ثم تبدأ الجفوة التي تتلف خلايا الألفة والود وتخرج الأسرار والشكاوى من الغرف إلى الوزارات والأندية وخاصة مكان عمل الزوجين فينقسم الناس إلى فرق ففريق يناصر الزوجة ومعظمه من النساء وآخر يناصر الزوج وهو خليط من الجنسين وفريق ثالث لا يتكلم بل يرفع لافتة مكتوب عليها ( نحن قبيل شن قلنا ).....؟؟

انتهى